أنا ربكم الأعلى

مازالت مؤسسات الدوله تتعامل مع رئيس الجمهوريه في مصر على أساس أنه الرب الأعلى , والرب غير الآله المعبود.

وفكرة أن الملك هو الرب الأعلى للبلاد ليست فرعونيه فقط , بل لقد كان ملوك أوروبا المسيحيه يعتبرون أنهم معينين من قبل الله عز وجل وكان وما زال ينصبهم كبير الأساقفة في أكبر الكنائس.  ولذلك قاوموا أي نوع من الحريات أو الديموقراطيه لأن الله عينهم ولم يعطي الشعب أي سلطات , وعلى هذا قامت ثورات الشعوب في أوروبا وأمريكا (كانت تحت الأحتلال البريطانى) وغيرها حتى الصين على السلطة المطلقة للملك.

لقد كانت حرب أهليه أنجليزيه طاحنة لمدة 10 سنوات للحصول على برلمان , برلمان فقط وقليل من الحقوق , لا ينتخب فيه عامة الشعب ولكن ينتخب الأعيان فيه الأعيان , بل أن الرجال كلهم لم يحصلوا على حق التصويت حتى عام 1918 , والنساء كلهم لم يحصلوا على حق التصويت في بريطانيا حتى عام 1928.

تعامل كل الملوك والرؤساء مع شعوبهم بمبدأ "أنا ربكم الأعلى" فأنا أعرف ما لا تعرفون وأرى ما لا ترون سواء بسلطة إلهيه أم أنتخابيه , فالرئيس يحس بحقه المطلق في الحكم وتبرير ما يفعل.  لم يحد من سلطات الملوك والرؤساء القوانين والدساتير, فالتحايل عليها وليها لتبرير أفعالهم حرفة مستشاريهم , ولكن حدت الشعوب سلطات الملوك والرؤساء وحاسبتهم.  ومؤسسات الدوله قديما كانت تتبع الرئيس ولا تخدم غيرة , أما مؤسسات  الدوله الديمقراطيه الحديثة فهي تتبع الشعب وتعلم أن الشعب هو من يحاسبها , ولذلك فهي تحاسب الرؤساء قبل أن تحاسب.

ولكن مازالت مؤسسات الدولة في مصر تتعامل مع الرئيس بمنطق "أنا ربكم الأعلى" ولا فارق بين مسلم ومسيحي في ذلك.  فهم يغضبون كما نغضب ولكنهم لا يتكلمون , لإن تكلموا فلا يفعلون , وحساب الله عليهم , ولو ملك الله تبارك وتعالى الشعب فسيحاسبهم على ما فعلوه وما لم يفعلوه , وعدم الفعل ليس أقل سوءا من الفعل الخطأ.

وإذكركم بحديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمة العباس: " يَا غُلَامُ , " إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " , قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

د أحمد سعفان